اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 341
والشعبذة
فَما آمَنَ لِمُوسى منهم مع ظهور صدقه بين أظهرهم إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ شبان قَوْمِهِ اى بنى إسرائيل وسبب توقف شيوخهم بعد الدعوة انهم عَلى خَوْفٍ وخطر عظيم مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ الذين يجتمعون حولهم من القبط أَنْ يَفْتِنَهُمْ ويصول عليهم ليقتلهم وَكيف لا يخافون أولئك المظلومون إِنَّ فِرْعَوْنَ المتناهي في العتو والاستكبار لَعالٍ فِي الْأَرْضِ غالب قاهر على عموم من فيها وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ في الاستيلاء والبسطة والكبرياء حيث تفوه من كمال كبره بانا ربكم الأعلى
وَبعد ما قد رأى موسى توقف قومه في امر الايمان سيما بعد وضوح البرهان قالَ لهم مُوسى على سبيل العظة والتذكير وتعليم التوكل والتفويض الذي هو من أقوى شعائر الايمان مناديا لهم ليقبلوه عن ظهر القلب يا قَوْمِ أراد به بنى إسرائيل إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ الرقيب الحسيب لعباده فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا في عموم أموركم وحالاتكم إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ مسلمين أموركم اليه سبحانه منقادين لحكمه وما جرى عليكم من قضائه
ثم لما سمعوا مقالة موسى تأثروا منها وتذكروا فَقالُوا عَلَى اللَّهِ المتولى لأمورنا تَوَكَّلْنا رَبَّنا يا من ربانا بلطفك وهدانا الى توحيدك لا تَجْعَلْنا بحولك وقوتك فِتْنَةً اى محل فتنة ومصيبة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الذين قصدوا ان يتسلطوا علينا ويفتنوا بنا
وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ التي وسعت كل شيء مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ القاصدين ستر الحق باباطيلهم الزائغة الكائدين الماكرين المخادعين مع من توجه نحوك ورجع إليك
وَبعد ما بثوا شكواهم إلينا وأخلصوا في تضرعهم وتوجههم نحونا قد أَوْحَيْنا إِلى مُوسى اصالة وَالى أَخِيهِ تبعا أَنْ تَبَوَّءا اى اتخذا مباءة ومسكنا ومبيتا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ وأموالهم ان يبنوا بُيُوتاً فيها وَبعد ما بنيتم بيوتا اجْعَلُوا اى كل واحد منكما ومنهم بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ومسجدا تتوجهون فيها الى الله وتتقربون نحوه وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ فيها واديموا الميل والتوجه نحو الحق مخبتين خاشعين مخلصين وَبعد ما قد واظبوا على ما أمروا واستقاموا عليه مخلصين بَشِّرِ يا موسى الداعي لهم الى طريق الحق الْمُؤْمِنِينَ المتوجهين نحوه سبحانه بالنصرة على الأعداء في الدنيا وبالكرامة العظيمة في النشأة الاخرى الا وهي الفوز بالوصول الى فناء المولى وشرف لقائه
وَقالَ مُوسى بعد ما تفرس الاجابة والقبول داعيا على الأعداء رَبَّنا إِنَّكَ بفضلك وجودك قد آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً هم يتزينون بها وَأَمْوالًا يميلون إليها ويفتخرون بها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ولم يشكروا لنعمك بل يكفرون بهايا رَبَّنا وانما افتخروا وباهوا بحطامهم لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ضعفاء المؤمنين المتلونين الذين لم يتمكنوا في مقر اليقين ولم يتوطنوا في موطن التمكين رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ اى امحها وأتلفها لئلا يتمكنوا على تضليل عبادك بها وَاشْدُدْ ختمك وطبعك عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا ولا ينكشفوا بالإذعان والقبول حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ المعد لهم بكفرهم وإصرارهم الْأَلِيمَ المؤلم في غاية الإيلام حين رأوا المؤمنين في سرور دائم ولذة مستمرة وجنة النعيم
قالَ سبحانه مبشرا لموسى وأخيه قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ووقع مناجاتكما في محل القبول ثنى الضمير لان هارون يؤمن حين دعا موسى فَاسْتَقِيما على ما أنتما عليه من الدعوة والزام الحجة ولا تفتروا في شأنكما هذا والزما الصبر والاصطبار إذ الأمور مرهونة بأوقاتها وَلا تَتَّبِعانِّ في الاستسراع والاستعجال سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ولا يحسنون الأدب مع الله في الحاحهم واقتراحهم في طلب الحاجات
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 341